الأربعاء، 28 فبراير 2018

(UML) لغة لتطوير المهارات الوظيفية في المستقبل

يتغير عالم الأعمال بسرعة، وبعض الوظائف تتغير أسرع من غيرها، ولم يعد من الصعب التنبؤ بأن مستقبل الوظائف سوف يكون مختلفًا تمامًا عما هو عليه الآن، في ظل التطورات المتسارعة التي فرضها  التقدم التكنولوجي, فانه سوف تنمو وظائف وتتراجع أخرى، ويبقى هناك عامل واحد أكثر أهمية في كل الأحوال وهو المهارات.

ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي سيتم خسارة 5 ملايين وظيفة لصالح الآلات في أقل من خمس سنوات، ومع ذلك فإن التقدم التكنولوجي في مجال الروبوتات، سوف يخلق وظائف جديدة، ولكنه سوف يغير المهارات التي يحتاجها أرباب العمل من الموظفين.  وقد وضع المنتدى مقارنة بين
عامي 2015 و2020 في أفضل 10 مهارات تتطلبها الوظائف في كلا العامين، وذلك على النحو التالي:
لذلك على مؤسسات المستقبل ان تمكن افرادها من التعامل مع التطورات المستقبلية التي ستفرضها الثورة الصناعية الرابعة من خلال مساعدتهم في فهم تلك التطورات، والتي كما يتوقعها المراقبون فإنها ستكون متسارعة. لذلك اصبح من الضروري إيجاد نظام تعلم مبتكر، وغير تقليدي، يواكب التطورات الحالية، ويُلبي الحاجات المستقبلية، يعتمد على تمثيل ونمذجة الأفكار، لإيجاد الحلول، ويسمح للمؤسسات بدمج أفرادها في عملية التعلم لفهم ومواكبة التطورات المستقبلية. 
   ولحاجة اقتصاد القرن الحادي والعشرين والذي يتسم بـ "اقتصاد المعرفة" الى مهارات خاصة لذلك فهناك حاجة لتزويد المتعلمين بمهارات تحليلية وتفاعلية غير اعتيادية كما يحتاج افراد قوى العمل الى البراعة والقدرة على التحليل وطرح الأفكار وغيرها من مهارات وقدرات التفكير. وان متطلبات القرن الحادي والعشرين تفرض علينا إعادة تصور وترتيب المواد الدراسية وطريقة تدريسها (مدارس المستقبل)
   لذا أصبح من الضروري وجود لغة أو أدوات غير تقليدية، تساعد في طرح ومناقشة الأفكار، لتحويلها الى نماذج وحلول مبتكرة لمختلف قطاعات الاعمال. وتكون ضابطة ومنظمة للتعلم في مؤسسات الأعمال المستقبلية. وعليه، يمكن أن تكون لغة النمذجة الموحدة (Unified Modeling Language) مثالاً جيداً يلبي متطلبات تطوير نظام التعلم المستقبلي. وهي لغة نمذجة رسومية تقدم صيغة لوصف العناصر الرئيسية للنظم البرمجية. ولا يقتصر استخدامها على هندسة البرمجيات، بل تستعمل أيضاً في هندسة النظم، وتمثيل الهياكل التنظيمية.

   إذ يمكن بواسطة لغة النمذجة الموحدة (UML) إنشاء النماذج والتصميم المتكامل لأي مشروع. من خلال قدرة هذه اللغة على توفير متطلبات التعلم الابتكاري الأساسية: كالقدرة على إيجاد الحلول لمشاكل الواقع عبر نمذجة وتمثيل كائنات الواقع وتنمية مهارات الإبداع والابتكار لدى الافراد وإثراء ذاكرة المؤسسة بالحلول المبتكرة، لتوسيع مدارك وآفاق التعلم للمستقبل. وهذه المهارات تمثل حجر الزاوية في عالم الاعمال المستقبلي.
   يمكن الاستفادة منها في مؤسسات الأعمال بشكل كبير, خاصة في ظل نمو الثورة الصناعية الرابعة, من خلال قدرة هذه اللغة على تمثيل وتحويل ما هو مادي الى نموذج عمل (كائن برمجي) وهذا الامر سيكون في صلب عالم الاعمال في ظل الثورة الصناعية الرابعة.
   وفي غضون ذلك، تُعتبر (UML) لغة عامة تضم عدة مخططات تُغطي كافة مراحل تطوير المنتج بدءً من تحديد علاقة النظام (المنتج) بالمحيط الخارجي حتى الوصول إلى مرحلة تجهيز المنتج للزبون، إلى جانب ذلك، تساعد مخططات هذه اللغة المشاركين في تكوين نظرة شاملة ومن أوجه متعددة للمنظومة ككل. وبالتالي إعطاء مرونة عالية لتنفيذ الانشطة وجعل التنسيق بين الافراد عالي جداً.
 وهذه المخططات هي:
1- مخطط وقائع الاستخدام Use Cases Diagram)) "كيف سيتفاعل نظامنا مع العالم الخارجي؟"
2- مخطط الصنفيات (Class Diagram) "ماهي الكائنات التي نحتاجها؟ وما علاقاتها؟"
3- مخطط التعاون Collaboration Diagram)) "كيف تتعامل الكائنات مع بعض؟"
4- مخطط التتابع ((Sequence Diagram "كيف تتعامل الكائنات مع بعض عبر الزمن؟"    
5- مخطط الحالة State Diagram)) "ما الحالات التي يجب أن تكون عليها البيانات؟" 
6- مخطط التحزيم (Package Diagram) "كيف سنقوم بقولبة عملنا؟"
7- مخطط المكونات (Component Diagram) "كيف سترتبط مكونات برامجنا؟"
8- مخطط التجهيز (Deployment Diagram) "كيف سيتم تجهيز البرنامج؟"

   كـــل مخطط من هذه المخططات يعطي منظراً ومن زاوية معينة للمنتج او النظام الذي يتم تطويره, وتسمح هذه المخططات للأفراد بتكوين وجهات نظر تغطي كافة مجالات تطوير الاعمال تساعد المتعلمين في النظر الى الأمور وتناولها وتوظيفها بما يتناسب وحاجات المستقبل, بالتالي تمكين الافراد بمختلف مستوياتهم من المشاركة بتكوين المنتج وجعل الابتكار ممارسة جماعية.  

   ونرى اليوم العديد من المؤسسات التي تضع استشراف المستقبل في صلب معادلة التغيير وتعتبره المحرك الأساسي لعملية التنمية ، وذلك بالتركيز على انتهاج استراتيجية مرسومة قائمة على بناء القدرات وإعداد المؤسسات وخلق ثقافة التطور ضمن كافة جوانب العمل في مختلف القطاعات. على سبيل المثال، مؤسسة دبي للمستقبل التي اعتمدت كمنصة لتطوير القدرات ونمذجة الحلول وصقل المهارات الاستشرافية لمواجهة التحديات المستقبلية لمختلف القطاعات من خلال مجموعة من الخطوات المدروسة والمتمثلة في إطلاق وتنظيم العديد من المبادرات مثل: اكاديمية دبي للمستقبل, متحف المستقبل، مكتب المستقبل، مرصد المستقبل، ومسرعات دبي المستقبل، معتمدتاً بذلك ارقى المعايير والمواصفات العالمية في تصميم مختبرات الابتكار والنمذجة لتحويل التحديات المستقبلية الى حلول تكنولوجية من خلال استقطاب الأفكار والمعارف ووضعها في نماذج عمل تثمر عن حلول وفرص وشركات مستقبلية لإعادة ابتكار قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها. حيث تطمح المؤسسة لأن تصبح منصة عالمية فعالة لرسم ملامح المستقبل ورافداً مهماً لتعزيز مكانة دولة الإمارات على مستوى العالم.

أساليب لغة (UML) التي يمكن للمؤسسات اعتمادها:
- نمذجة الأفكار
   تقدم لغة (UML) الصياغة لإيجاد المفاهيم والأفكار (الخاصة بمجالنا)، إذ تعتمد بذلك على استخدام أسلوب العصف الذهني بحضور أكبر عدد من المهتمين (المطورين والزبائن)، ويتم رصد المقترحات التي تنتج عن جلسات العصف الذهني حال الانتهاء من طرح كل الآراء، ثم يتم تبرير كل اقتراح تم طرحه في الجلسة، وقولبة الأفكار لتحويلها إلى نماذج عمل, وهذا من شانه تطوير مهارات التفكير النقدي لدى الافراد وجعلها وظيفية أساسية ضمن المؤسسة. 
- تمثيل كائنات الواقع
   تساعد لغة النمذجة هذه على تمثيل كائنات العالم الحقيقي في قوالب (سواء كان ذلك نظام تسجيل في معهد، أو نظام إدارة مخازن أو حتى نظام توجيه صواريخ) كلها يتم تمثيلها في قوالب عمل (كائنات برمجية)، وحسب ما ذكر المعد والمترجم خالد الشقروني في كتاب "تطبيق  UML"، إنّ كل الكائنات في العالم الواقعي تتميـز بشيئين هما: البيانـــات (الخصائص) والسلوك (الوظائف)، وتقوم لغة (UML) بجمع البيانات الخاصة بالكائن والوظائف المرتبطة بها في قالب واحد، وبذلك تقدّم تمثيلاً أو تجريداً أفضل للعالم الواقعي، وبالتالي وضع الحلول أو تعديلها سيكون أمراً سهلاً. 
- الإبداع والابتكار
   توفر هذه اللغة الأدوات التي تساعد الأفراد على تنمية جانب الإبداع والابتكار لديهم في تنفيذ الأعمال، حيث تسمح مخططات هذه اللغة، للأفراد بتوسيع مداركهم من خلال تكوين نظرة شاملة للمنتج الذي يعملون عليه، ومن زوايا وأبعاد مختلفة عبر مراحل التطوير. 
   وهذا يضع الأفراد خارج الحدود المغلقة للتفكير أو النظرة الأحادية الجانب، ما يوفر لهم أرضية الانطلاق نحو فضاءات الإبداع والابتكار, او ما يعرف بـ (التفكير خارج الصندوق). وهذا ما وصلت إليه أكاديمية دبي للمستقبل من خلال برامجها التعليمية والتدريبية والتي تمنح الافراد مساحات للابتكار والابداع. 
   إذ توفر هذه المؤسسة للأفراد أدوات وطرق تساعد على تمكين الافراد من استشراف وصناعة المستقبل, باستخدام أدوات النمذجة, من خلال البحث عن الفرص وتمثيلها لفهم التحديات المستقبلية, والتعامل معها بالشكل الأمثل. 
- سهولة تطوير الذاكرة التنظيمية 
   تساعد لغة (UML) المؤسسات في تطوير ذاكرتها التنظيمية وجعلها فعالة، وذلك لأنه وبعد الانتهاء من عملية تطوير المنتج يمكن الاحتفاظ بنسخة التطوير كحالة جديدة ليتم العودة إليها عند الحاجة او لدعم اتخاذ قرار بشان مشكلة ما مستقبلاً.
ويمكننا القول أن استخدام لغة النمذجة (UML) في صلب المؤسسات اليوم يساعد قادة هذه المؤسسات على فهم التطورات المتسارعة من خلال القدرة على تمثيل وتحويل الأفكار وحاجات السوق او الزبائن, الى نماذج عمل برمجية مبتكرة ، لمساعدة الافراد على الاندماج بشكل اكبر في المستقبل، من خلال اعتماد طريقة تفكير جديدة تساعد في تطوير المهارات المطلوبة مستقبلاً, بهدف الاستعداد لتلك التغيرات التي سوف تتطلب وجود مهارات خاصة.

     أخيراً، يمكن اعتبار لغة النمذجة الموحدة, لغة تعلم شاملة للأعمال في المستقبل, تساعدنا في استشراف حاجاتنا المستقبلية وكذلك تمنحنا الأدوات المناسبة لتحويل تلك الحاجات الى نماذج عمل، إضافة لتمكينها الافراد من تنمية وتطوير مهارات الابداع والابتكار لديهم, من خلال جعل الابتكار ممارسة عملية شاملة على مستوى المنظمة ككل ولمختلف المستويات التنظيمية فيها, وكذلك فان هذه اللغة تسهل من عملية الاحتفاظ بالحلول والتعديل عليها او تطويرها عند الحاجة لذلك مستقبلاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق